دروس إحياء علوم الدين للإمام الغزالي من المسجد الأقصى المبارك / كتاب الحلال والحرام # 460

تقديم: Mustafa Abu Sway مصطفى أبو صوي
التاريخ: 2021-09-14
الوقت: 12:00
الموقع: Al-Aqsa Mosque المسجد الأقصى المبارك

وحكي أن أبا بكرة دخل على معاوية فقال اتق الله يا معاوية واعلم انك في كل يوم يخرج عنك وفي كل ليلة تأتي عليك لا تزداد من الدنيا إلا بعدا ومن الآخرة إلا قربا وعلى آثرك طالب لا تفوته وقد نصب لك علما لا تجوزه فما أسرع ما تبلغ العلم وما اوشك ما يلحق بك الطالب وأنا وما نحن فيه زائل وفي الذي نحن إليه صائرون باق أن خيرا فخير وان شرا فشر

فهكذا كان دخول أهل العلم على السلاطين اعني علماء الآخرة فأما علماء الدنيا فيدخلون ليتقربوا إلى قلوبهم فيدلونهم على الرخص ويستنبطون لهم بدقائق الحيل طرق السعة فيما يوافق أغراضهم وان تكلموا بمثل ما ذكرناه في معرض الوعظ لم يكن قصدهم الاصلاح بل اكتساب الجاه والقبول عندهم وفي هذا غروران يغتر بهم الحمقى أحدهما أن يظهر أن قصدي في الدخول عليهم اصلاحهم بالوعظ وربما يلبسون على أنفسهم بذلك وإنما الباعث لهم شهوة خفية للشهرة وتحصيل المعرفة عندهم وعلامة الصدق في طلب الاصلاح انه لو تولى ذلك الوعظ غيره ممن هو من أقرانه في العلم ووقع موقع القبول وظهر به اثر الصلاح فينبغي أن يفرح به ويشكر الله تعالى على كفايته هذا المهم كمن وجب عليه أن يعالج مريضا ضائعا فقام بمعاجلته غيره فإنه يعظم به فرحه فإن كان يصادف في قلبه ترجيحا لكلامه على كلام غيره فهو مغرور الثاني أن يزعم أني أقصد الشفاعة لمسلم في دفع ظلامة وهذا أيضا مظنة الغرور ومعياره ما تقدم ذكره