دروس إحياء علوم الدين للإمام الغزالي من المسجد الأقصى المبارك / كتاب آداب تلاوة القرآن # 255

تقديم: Mustafa Abu Sway مصطفى أبو صوي
التاريخ: 2020-11-07
الوقت: 11:00
الموقع: Al-Aqsa Mosque المسجد الأقصى المبارك

 وباطل قطعا أن يكون المراد به (أي النهي عن تفسيرالقرآن بالرأي!) أن لا يتكلم أحد في القرآن إلا بما يسمعه لوجوه

أحدها أنه يشترط أن يكون ذلك مسموعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسندا إليه وذلك مما لا يصادف إلا في بعض القرآن فأما ما يقوله ابن عباس وابن مسعود من أنفسهم فينبغي أن لا يقبل ويقال هو تفسير بالرأي لأنهم لم يسمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم

والثاني أن الصحابة والمفسرين اختلفوا في تفسير بعض الآيات فقالوا فيها أقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينها وسماع جميعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم محال ولو كان الواحد مسموعا لرد الباقي فتبين على القطع أن كل مفسر قال في المعنى بما ظهر له باستنباطه حتى قالوا في الحروف التي في أوائل السور سبعة أقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينها فقيل إن الر هي حروف من الرحمن وقيل إن الألف الله واللام لطيف والراء رحيم وقيل غير ذلك والجمع بين الكل غير ممكن فكيف يكون الكل مسموعا

والثالث أنه صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس رضي الله عنه وقال اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل فإن كان التأويل مسموعا كالتنزيل ومحفوظا مثله فما معنى تخصيصه بذلك

والرابع أنه قال عز وجل لعلمه الذي يستنبطونه منهم فأثبت لأهل العلم استنباطا ومعلوم أنه وراء السماع وجملة ما نقلناه من الآثار في فهم القرآن يناقض هذا الخيال فبطل أن يشترط السماع في التأويل وجاز لكل واحد أن يستنبط من القرآن بقدر فهمه وحد عقله